من المتوقع أن يصل عدد سكان أفريقيا إلى ضعف عددهم اليوم البالغ 1,25 مليار ليسجل 2,5 مليار نسمة عام 2050، ما يزيد بالتالي الطلب على الإنتاج الزراعي كالحبوب بنحو ثلاثة أضعاف، الأمر الذي يستدعي من المزارعين توسيع مساحة الأراضي المزروعة وزيادة الإنتاجية لكل هكتار، وكذلك استصلاح أي من الأراضي الهامشية الذي يعد جانباً جوهرياً في هذه العملية. ورغم المساحات الشاسعة والموارد المائية الوفيرة التي تتمتع بها هذه القارة، إلا أن هنالك ما يزيد على 19 مليون هكتار من الأراضي المتأثرة بالملوحة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وفق التقديرات، جلها في بلدان شرق أفريقيا، وعلى امتداد ساحل الغرب الأفريقي، وبلدان حوض بحيرة تشاد، وجيوب من الجنوب الأفريقي. وتأتي الملوحة بشكل رئيسي نتيجة ممارسات الري غير المناسبة التي تقود إلى الغمر بالمياه، وأيضاً بفعل تعدي مياه البحر على المناطق الزراعية الساحلية بسبب ارتفاع مستويات البحار والضخ الجائر، الأمر الذي يسفر عن تراجع إنتاجية هذه المناطق أو فقدانها. ولتحسين إنتاجية المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في المناطق المتأثرة بالملوحة من سيراليون وغامبيا وليبيريا وتوغو وبوتسوانا وموزامبيق وناميبيا، سيتم إدخال محاصيل متحملة للملوحة، فضلاً عن إدخال ممارسات وتقنيات لإدارة الأراضي والمياه، وإدراج نماذج ونـُهج ذكية مناخياً ذات قدرة على التأقلم مع الملوحة في السياسات والاستراتيجيات الوطنية للتنمية الزراعية.
يعتبر التخفيف من الملوحة أو الوقاية منها جانباً مهماً لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لاسيما عند التحول من النظم الزراعية البعلية التقليدية إلى الزراعة المروية المكثفة. ولمواجهة التحديات المتفاقمة والمتمثلة بانعدام الأمن الغذائي والفقر والتكيف مع التغير المناخي، يتعين إيجاد حلول شاملة تركز على تجهيز المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة بالتقنيات ورفدهم بالمهارات التي من شأنها تحسين إنتاجيتهم الزراعية، وذلك على التوازي مع حفظ قاعدة الموارد الطبيعية وتحسينها.
الدكتور راكيش كومار سينج (r.singh@biosaline.org.ae)