قدمت دراسة حديثة أجراها فريق من خبراء المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) تقييمًا للمحاصيل المهملة من حيث قدرتها على تحسين التغذية وتنويع المحاصيل في البيئات الهامشية؛ وهي مناطق من العالم غالبًا ما تتسم بتربتها الرديئة وعدم كفاية كمية ونوعية المياه والظروف المناخية غير المواتية للإنتاج الزراعي المستدام.
غطت الدراسة، التي نُشرت في دورية (Frontiers in Plant Science)، أربعة عشر محصولًا من تلك المحاصيل استنادًا إلى قدرتها على التكيف مع الملوحة والجفاف والإجهاد الحراري أو أي من ذلك، وقيمتها الغذائية العالية، واستجابتها لأنظمة زراعة المحاصيل المتنوعة، والتوافر المحلي لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية.
وقد تناولت الدراسة، على وجه الخصوص، الدُخن الإصبعي، ودُخن بروسو، والدُخن الياباني، والحنطة السوداء، والفونيو، والدُخن الصغير، ولوبيا اليام الأفريقية، والفاصوليا المجنحة الأفريقية، وفاصوليا العثة، وجوز بامبارا، والجاتروفا، والجوجوبا، والكاميلينا، والتيف.
تشير الدراسة إلى أن المحاصيل المهملة تتمتع بإمكانيات كبيرة في البيئات الهامشية، وأن إدخال وتقييم وتكييف الأنواع البارزة من هذه المحاصيل من أجل التنويع الغذائي سيسهم في تحسين التغذية، إضافة إلى إنتاج الغذاء المستدام. ويمكن أن يؤدي التقدم في علم الجينوم والتربية الجزيئية إلى تعزيز الإمكانات الوراثية لهذه المحاصيل بشكل كبير، والمساعدة في تطوير أنظمة غذائية مستدامة.
ومع ذلك، تشير الدراسة إلى أنه على الرغم من أن المحاصيل المهملة مغذية وذات قيمة طبية جيدة ومتكيفة جيدًا مع ظروف النمو دون المستوى الأمثل، إلى غير ذلك من السمات، فقد عانت هذه المحاصيل من الإهمال والتخلي من قِبل المجتمع العلمي بسبب الاستثمارات المنخفضة جدًا أو حتى عدم الاستثمار على الاطلاق في البحث والتحسين الوراثي لها. تشير الدراسة أن أحد الأسباب المحتملة للإهمال هو أن هذه المحاصيل لا يتم تبادلها دوليًا بمعدل يضاهي المحاصيل الغذائية الرئيسية مثل القمح والأرز والذرة.
أفاد الدكتور أبيديمي تالابي - زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في إكبا وأحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة، قائلًا: "قدمنا في هذه الدراسة مفهوم المحاصيل المهملة الهامشية واستخدمنا أمثلة لبعض المحاصيل التي تندرج تحت ثلاث فئات مثل الحبوب والحبوب المشابهة، والبقول، والمحاصيل الزيتية. المحاصيل المهملة هي محاصيل أصلية يزرعها دائمًا صغار المزارعين والمجتمعات الهامشية في إطار أنظمة زراعة الكفاف. وتتمتع هذه المحاصيل بمزايا كبيرة فيما يخص تعزيز الأمن الغذائي والتغذية، وباتت ذات أهمية أكثر من أي وقت مضى لأننا نواجه العديد من التحديات في الزراعة بسبب تغير المناخ وعدم انتظام هطول الأمطار والحرارة والتملح والجفاف، إلى غير ذلك من المشكلات. ونظرًا لأنه من المتوقع أن تزداد الظروف المناخية سوءًا في المستقبل، وفي ظل محدودية الأراضي الصالحة للزراعة والنمو السكاني، فنحن بحاجة إلى إضافة المزيد من المحاصيل التي تتكيف مع المناخ إلى أنظمتنا الغذائية، مما يخفف الضغط على موارد المياه العذبة المتناقصة ويسهل تبني عادات غذائية صحية".
لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه قبل زراعة هذه المحاصيل في حقول المزارعين وإضافتها إلى النظم الغذائية المحلية على نطاق واسع. ومع ذلك، فإن الأحداث المناخية الشديدة المتكررة، واستمرار تدهور جودة التربة، وزيادة الوعي بأسلوب الحياة الصحي والنظام الغذائي، تعيد هذه المحاصيل إلى دائرة الاهتمام. وبفضل جهود التوعية العالمية، اكتسبت بعض المحاصيل المهملة سابقًا مثل الكينوا شعبية تتجاوز موطنها الأصلي.
وفقًا للباحثين في الدراسة، لا يتمثل الهدف العام في سيطرة المحاصيل المهملة على النظام الغذائي أو التنافس مع المحاصيل الغذائية الرئيسية، ولكن استكمال الإنتاج لتلبية الاحتياجات الغذائية للسكان الذين يتزايد عددهم بسرعة. علاوةً على ذلك، من المتوقع أن يؤدي الترويج لهذه المحاصيل وتبني زراعتها إلى إحداث تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على العديد من التحديات العالمية.
وتختتم الدراسة بتقديم خارطة طريق محتملة للمشاركة البحثية المستقبلية وإطار عمل للسياسات مع توصيات لتسهيل وتعزيز تبني المحاصيل المهملة والإنتاج المستدام في الظروف الهامشية.