أطلق المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) مشروعاً رئيسياً لتحسين الأمن الغذائي والدخل لدى المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة لاسيما النساء في مناطق متأثرة بالملوحة ضمن سبعة بلدان داخل إقليم أفريقيا جنوب الصحراء.
ويموَّل هذا المشروع الممتد لأربع سنوات من جانب الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا (بادية) وينفذ تحت عنوان "تحسين قدرة الزراعة على التكيف مع الملوحة من خلال تطوير تقانات صديقة للفقراء والترويج لها" أو اختصاراً بـ (RESADE).
كما يسعى المشروع المذكور الذي يستهدف كلاً من بوتسوانا وغامبيا وليبيريا وموزامبيق وناميبيا وسيراليون وتوجو إلى زيادة الإنتاجية الزراعية وتحسين الدخل لدى المجتمعات الزراعية في المناطق الزراعية المتأثرة بالملح من خلال إدخال محاصيل متحملة للملوحة وما يرتبط بها من إدارة الممارسات الزراعية؛ وتطوير سلاسل القيمة لنظم زراعية جديدة، فضلاً عن بناء قدرات المزارعين والمرشدين الزراعيين في ميدان الزراعة الذكية مناخياً والقادرة على التكيف مع الملوحة بالتعاون مع مؤسسات وطنية للبحوث والإرشاد الزراعي.
وقد أطلق المشروع خلال اجتماع افتتاحي لشركائه انعقد في المقر الرئيسي لإكبا بدبي خلال يومي 24 و25 أبريل/نيسان 2019، وضم ما يربو على 30 مشاركاً كان من بينهم مديرين وفنيين لدى مراكز وطنية للبحوث الزراعية في البلدان الشريكة.
وفي كلمة لها حول المشروع، قالت الدكتورة أسمهان الوافي، المدير العام لإكبا: "يسرنا إطلاق هذا المشروع المهم الذي جاء في الوقت المناسب بدعم من شريكينا الاستراتيجيين لفترة طويلة إيفاد وبادية. فالملوحة تشكل قضية جوهرية في أفريقيا جنوب الصحراء، إذ تحمل تأثيرات مناوئة تصيب الإنتاج الزراعي ومصادر المعيشة الريفية، وتطال الاقتصاد والتنمية المستدامة في المنطقة. ونظراً لكونه المركز الرائد في ميدان الزراعة الملحية لأكثر من 20 سنة اكتسب خلالها الخبرة في إدارة الأراضي المتأثرة بالملوحة وإعادة تأهيلها في أكثر من 40 بلداً، فأنا أعرب عن ثقتي الكبيرة بأن إكبا بالتعاون مع شركائه في أفريقيا جنوب الصحراء سيحدثون التغيير المنشود في حياة المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة ومصادر معيشتهم في البلدان السبعة المستهدفة."
من جانبه، قال الدكتور مالو ندافي، المختص الفني الأول لدى إيفاد: "إن أهمية المشروع تقبع في سعيه نحو تمكين المؤسسات الوطنية للبحوث الزراعية من حيث معالجة الملوحة، فضلاً عن أنه يضم شريكاً بارزاً مثل إكبا الذي يعد مركز الامتياز في إدارة الملوحة. كما أن إكبا يسعى جاهداً إلى توظيف نتائج المشروع في استنارة الاستراتيجيات التي سترسم مستقبلاً بهدف معالجة الملوحة، وكذلك الاستثمارات المستقبلية لإيفاد أو غيره من المنظمات، وعلى رأسها استثمارات البلدان السبعة في ميدان تحسين مصادر المعيشة لدى سكانها المتأثرين بالملوحة."
ويضيف الدكتور مالو ندافي: "عند اختتام هذا المشروع، سيكون لدينا في هذه البلدان كادر من الخبراء القادرين على معالجة قضايا تغير المناخ ذات الصلة بالملوحة. وسيدعم المشروع البلدان المستهدفة من خلال تنفيذ استراتيجياتها الزراعية والأكثر أهمية من ذلك تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لاسيما الهدفين الأول والثاني."
أما الدكتورة أولجا لورديس فافتين، مدير عام معهد البحوث الزراعية في موزامبيق، فجاء في كلمتها: "لا شك أنه مشروع مهم بالنسبة لنا، فهو يساعد البلدان المستهدفة على رسم خارطة المناطق المتأثرة وتحديدها. كما سيقدم المشروع مقترحات بالتدخلات منها إدخال أصناف محاصيل تتسم بتحملها للملوحة وممارسات بحثية مهمة للوقاية من التأثيرات المناوئة التي تحدثها الملوحة، إلى جانب تطبيق أساليب أخرى تمكن المزارعين من جني منافع من المناطق المتأثرة بالملوحة، ما يساعد المزارعين على زيادة الغلال وكسب دخل أعلى. كذلك سيساعد المشروع على تحسين القدرات البحثية للمراكز البحثية الشريكة من خلال التدريب والحصول على بعض التجهيزات العلمية."
وتبعاً للتقديرات، من المرتقب أن يتبنى خلال المشروع نحو 11,550 مزارعاً من أصحاب الحيازات الصغيرة في المناطق المستهدفة، نصفهم على الأقل من النساء، نظماً زراعية تتسم بقدرتها على التأقلم مع الملوحة وتغير المناخ، وتستخدم تقانات مبتكرة ذكية مناخياً، فضلاً عن تبنيهم لممارسات تزيد من الإنتاجية وتخفف من تأثيرات الملوحة وتقي من تفاقمها. وفي المناطق المستهدفة، من المنتظر أن تسجل إنتاجية الأراضي المالحة زيادة بنسبة 30 في المائة، في حين قد ترتفع الإيرادات الاقتصادية للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة بنسبة 20 في المائة.
إلى جانب ذلك، سيتم إدخال النماذج والنـُهج الزراعية الذكية مناخياً والقادرة على التأقلم مع الملوحة في السياسات والاستراتيجيات الوطنية للتنمية الزراعية في البلدان السبعة المستهدفة.
هذا وسيعمل إكبا، ضمن أنشطة تنمية القدرات، على دعم تأسيس وحدات إنتاج البذور، وترسيخ التعاون، فضلاً عن سعيه إلى تسهيل روابط سلاسل القيمة الزراعية، والانخراط مع صناع السياسات والقرارات لضمان توافر المستلزمات الضرورية والبيئة الملائمة التي تسمح بتوسيع نطاق نتائج المشروع.