تشهد كازاخستان خلال السنوات الأخيرة تراجعاً في إنتاج وتصدير القمح، الذي يمثل المحصول النقدي الرئيسي في البلاد. ولعل هذا التراجع لا يعود إلى تقلص مساحة الأراضي المزروعة نتيجة التملح وحسب، بل يأتي نتيجة برودة الطقس غير الاعتيادية خلال الربيع.
صحيح أن 80 في المائة من أراضي كازاخستان يتسم بطبيعة البادية والصحراء، إلا أنها تبقى أكبر بلدان آسيا الوسطى، وتصنف سادس أكبر منتج للقمح في العالم، إذ تصدر إلى ما يزيد عن 70 بلداً.
بيد أن أنماط المناخ المتغيرة، وارتفاع مستوى الملوحة يجبر الحكومة على اتخاذ إجراءات بديلة والتشجيع على تنويع المحاصيل، وهذا ينطبق أيضاً على المزارعين.
عادت الآنسة مانشوك جيكسيمبيكوفا إلى كازاخستان قبل بضع سنوات، لتدير اليوم أعمالها الزراعية بنفسها.
والآنسة جيكسيمبيكوفا عالمة تتمتع بخبرة عملية واسعة، إذ عملت باحثة مساعدة لدى جامعة تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية، والمركز الحيوي في فيينا بالنمسا. وبعد حصولها على درجة الدكتوراة في علم الأحياء، عادت إلى قريتها لتؤسس مختبراً لتحليل تركيبة التربة وتحديد مستوى ملوحتها.
وفي ذات الوقت تمتلك مزرعة تختص بإنتاج بذور محاصيل القمح الشتوي والشعير وفول الصويا والعصفر والذرة. وخلال السنوات الأربع الماضية، تعاون المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) معها، حيث استخدم مزرعتها لزراعة وإدخال محاصيل جديدة مقاومة للجفاف والملح إلى كازاخستان كالذرة الرفيعة والدخن اللؤلؤي.
تقول الدكتور كريستينا تودريتش، المنسقة الإقليمية لبرنامج آسيا الوسطى والقوقاز التابع للمركز الدولي للزراعة الملحية: "أظهرت الاختبارات التي أجريت على البذور المُدخلة (الأصول الوراثية) للدخن اللؤلؤي أن هذا المحصول يتفوق بشكل كبير على الذرة وغيره من الحبوب من حيث خصائص التكيف والغلة الحبية والكتلة الحيوية الخضراء فالدخن اللؤلؤي مقاوم لدرجات الملوحة المرتفعة في التربة، ويتسم بخصائص تغذوية جيدة، كما يمكن استخدامه لزيادة القيمة الاقتصادية للأراضي غير الإنتاجية المالحة."
ونتيجة لمبادرة تنويع المحاصيل لتحسين الامداد بالأغذية في كازاخستان، وبدعم من البنك الإسلامي للتنمية (IsDB)، تم اعتماد صنفي ذرة رفيعة وصنف واحد للدخن اللؤلؤي والحصول على شهادة براءة بخصوصهما من وزارة العدل الكازاخية.
تنبت البذور المزروعة على عمق 3-5 سم خلال فترة 3-5 أيام. وبعد بزوغ البادرة، تتم زراعتها للوقاية من تقشر التربة وتفتتها. وبعد عملية التعشيب، يتم تشكيل خطوط الري للبدء بالسقاية.
وعندما يصل طول النبات إلى 3-4 م، يبدأ المحصول بتشكيل عثاكيل متراصة يصل عددها إلى 15 عثكولاً في نبات واحد متعدد السوق. ويحتوي كل عثكول على 1,000 – 3,000 حبة بيضاء أو صفراء أو حمراء أو داكنة. وفي أبريل/نيسان ومطلع مايو/أيار، تتم زراعة الدخن اللؤلؤي كمحصول رئيسي. وبعد حصاد القمح الشتوي في منتصف يونيو/حزيران ومطلع يوليو/تموز، يمكن معاودة زراعة الدخن اللؤلؤي ثانية.
لا يقتصر عمل إكبا على إدخال محاصيل وتقانات جديدة وحسب. فخلال التجارب، تم تنظيم عدة أيام ميدانية، حيث استفاد مئات المزارعين من خلال اقتسام المعرفة ونشرها في تعلم الكثير عن زراعة المحاصيل واستخدامها.
تقول الآنسة جيكسيمبيكوفا: "لسوء الحظ نفقد تربتنا بفعل التملح وباتت زراعة محاصيل تقليدية كالقمح الشتوي غير ممكنة نتيجة لتراجع غلالها. وعليه، نرغب بالاستعاضة عنها بمحاصيل جديدة. غير أن التسويق لا يزال عقبة كبيرة أمامنا. إذ علينا – إلى جانب إدخال أصناف جديدة – تحديد أسواقنا المستقبلية."