يمكن لتقانات البيوت المحمية الشبكية التي تتسم بكفاءتها الكبيرة وتكلفتها المتدنية أن تساعد على تحقيق زيادة ملحوظة في جدوى البستنة والأعمال الزراعية المربحة في دولة الإمارات العربية المتحدة، بالتزامن مع توفيرها للمياه والطاقة، وذلك تبعاً لما خلصت إليه دراسة أجراها المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا).
إذ تشكل هذه الدراسة جانباً من مساعي إكبا في ميدان الإسهام في الأمن الغذائي داخل الإمارات ودعم المبادرات التي تتخذها الحكومة في هذا المضمار. كما تولي الإمارات أهمية لمسألة التطوير المتواصل للتقانات واحتضان الابتكارات التي من شأنها الإسهام في حفظ الموارد الطبيعية لصالح الأجيال المستقبلية. أما الهدف الرئيس فيكمن في زيادة إنتاج محاصيل البستنة إلى الحدّ الأعظم باستخدام المستلزمات الأساسية ضمن الرابطة ما بين المياه والطاقة والأغذية.
وسعياً للوقوف على سبل تحسين كفاءة استخدام المياه والطاقة في إنتاج البستنة ضمن الظروف المحلية، استكمل فريق من الباحثين لدى إكبا عملية تقييم طويلة الأجل لزراعة الخيار والطماطم والفليفلة الحلوة وغيرها من الخضروات في بيوت محمية عالية التقانة مستخدمة على نطاق واسع وكذلك في بيوت محمية شبكية تقليدية صُممت للتكيف مع ظروف الإمارات.
وأجرى الباحثون مقارنة لنموذج بيت محمي مزود بنظام تبريد بالمرواح والبطانات مع نموذج بيت محمي شبكي مجهز بنظام ترطيب قائم على التبخر وشبكة الظل.
وخلص الباحثون إلى أن عملية تبريد البيت المحمي هي الأكثر استهلاكاً للمياه، إذ يُستهلك منها 1.6 ضعفاً قياساً بالكمية المطلوبة لري الخيار. بالمقابل، يتطلب نظام الترطيب القائم على التبخر في البيت المحمي الشبكي نحو 20 في المائة من المياه المستخدمة لري الخيار. كذلك أظهرت البيانات أن البيت المحمي استهلك كمية من الطاقة تزيد بنحو 62 ضعفاً عن تلك التي استخدمها البيت المحمي الشبكي.
وفي تعليق للدكتور عبد عزيز حيريش، خبير بستنة لدى إكبا، على هذه الدراسة قال: "تظهر أبحاثنا أن البيت المحمي الشبكي يمكن أن يكون بديلاً منخفض التكلفة عن البيوت المحمية الشائعة. ولعل الأكثر أهمية من ذلك أن هذه التقانة من شأنها أن تساعد على تخفيض استهلاك الطاقة والمياه اللازمة لإنتاج الخضار على نحو ملحوظ، وهو ما يشكل عاملاً بالغ الأهمية إذا ما أخذنا ندرة موارد المياه بعين الاعتبار. واليوم نعمل مع المزارعين على إدخال هذه التقانة إلى مزارعهم في الإمارات العربية المتحدة."
أضف إلى ذلك أن هذه النتائج تحمل تأثيرات على مستوى الأمن المائي والغذائي على حدّ سواء. فنظراً لأن الإمارات العربية المتحدة تندرج بين أشد البلدان ندرة بالمياه على مستوى العالم، نراها تعتمد على احتياطي المياه الجوفية والمياه المحلاة التي تستلزم طاقة هائلة لتلبية الطلب المحلي، بما في ذلك طلب القطاع الزراعي. هذا بالإضافة إلى اعتماد البلد على الواردات الغذائية من قبيل الخضروات والفاكهة.
ومن هذه الدراسة يتبين توافر امكانية كبيرة لزيادة إنتاج البستنة في الإمارات، وذلك على التوازي مع النمو المرتقب في الطلب على الأغذية، والحدّ من التأثيرات البيئية.
ومع احتمال تردي حالة ندرة موارد المياه مستقبلاً، يبقى من الأهمية بمكان تنفيذ الحلول المستدامة المتعلقة بإنتاج الأغذية. في حين يبقى على المزارعين المحليين تبني التقانات التي من شأنها توفير المزيد من المياه والطاقة.