دعا فريق من كبار الخبراء إلى إقامة المزيد من الشراكات لمحاربة تقلبات التغير المناخي في الصومال الذي يعاني من تأثيرات تكرار موجات الجفاف منذ ثمانينات القرن الماضي.
وتحدث الخبراء خلال حلقة دراسية بعنوان "الشراكات لبناء القدرة على التكيف مع الجفاف وتأثيرات التغير المناخي في الصومال" اشترك في تنظيمها وزارة الزراعة والري والحكومة الفيدرالية في الصومال والمركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) وكذلك الصندوق الدولي للتنمية الزراعية والمعهد الصومالي لإدارة مخاطر الكوارث.
ونظمت الفعالية على هامش الاجتماع السنوي الثالث والأربعين لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية في تونس العاصمة، بتونس.
كما بحثت الحلقة الدراسية - من جملة المواضيع الأخرى - قدرة الشراكات القائمة ما بين البنك الإسلامي للتنمية وشركائه على تطوير القدرة على الاستجابة للجفاف على مستوى البلد، ما يجعل من الإجراءات استباقية وقائمة على إدارة المخاطر بدلاً من كونها إجراءات ارتكاسية قائمة على إدارة الأزمة؛ وبحثت أيضاً إدخال الزراعة الذكية مناخياً وتوسيع نطاقها لضمان الأمن الغذائي وتعزيز القدرة على التكيف في المناطق السريعة التأثر بالجفاف؛ وكذلك تنفيذ برامج تنموية في البلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات كالصومال من خلال العمل انطلاقاً من الشركات مع أصحاب الشأن المحليين.
ولعل من بين الأهداف الرئيسية للحلقة الدراسية كان رفع التوعية بتأثيرات التغير المناخي في الصومال؛ ومناقشة الشراكات المتوقع تشكيلها بين البلدان الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية مع الصومال ؛ وكذلك ربط الجهات المانحة مع المنظمة الدولية لدعم المؤسسات المحلية في الصومال؛ فضلاً عن إدخال نظام متكامل للقدرة على التأقلم مع الجفاف كحل لمكافحة الجفاف والتغير المناخي في هذا البلد.
وحضر هذه الفعالية قرابة 40 مشاركاً كان من بينهم صناع السياسات لدى البلدان الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية؛ وممثلون عن وكالات مانحة إقليمية منها ودولية ومنظمات إقليمية ودولية للبحوث، وكذلك منظمات وطنية للبحوث ومؤسسات أكاديمية في البلدان الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية.
ولدى عرض المذكرة المفاهيمية بشأن النظام المتكامل للقدرة على التأقلم مع الجفاف في الصومال، قالت الدكتورة أسمهان الوافي، مدير عام إكبا: "يتشابه سبب تدني الإنتاجية في الصومال مع السبب الذي نجده في كثير من البلدان الأفريقية الأخرى. إذ ينطوي على ارتفاع مستوى سرعة التأثر بالصدمات المناخية، والافتقار إلى البذور والأسمدة ذات الجودة العالية؛ فضلاً عن غياب الأصناف المتحملة للإجهاد وتدهور البيئة والخسائر ما بعد الحصاد. أما المشروع الذي نعمل عليه معاً فهو مشروع لثلاث سنوات يهدف إلى تنمية القدرات على مستوى البلد في ميدان استخدام النظام المتوافر لرصد الجفاف والانذار المبكر، وتحديد المناطق الأسرع تأثراً بالجفاف ضمن الظروف المناخية".
وأضافت الدكتورة الوافي: "سيكون هذا المشروع مشروعاً نموذجياً نعرض خلاله ما بوسعنا القيام به عن طريق تحديد بضعة مجتمعات تستهدفها تدخلاتنا. وضمن المشروع المذكور، سيتم إدخال محاصيل متحملة للجفاف وتوليفة من الأصناف المتنوعة مع الزراعة الذكية مناخياً إلى جانب حزم إدارة التربة والمياه في مناطق مختارة (سريعة التأثر). أضف إلى ذلك أننا سنعمل على تنمية القدرات لدى وزارة الزراعة في الصومال، والعاملين في القطاع الزراعي والمزارعين."
وفي هذا السياق، قال الأستاذ الدكتور عبد الرزق أحمد دلمار، الرئيس التنفيذي للمعهد الصومالي لإدارة مخاطر الكوارث: "تواجه المجتمعات الصومالية تحديات جسيمة ناتجة عن التغير المناخي، ما سيدفع المعهد الصومالي لإدارة مخاطر الكوارث والمركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) العمل معاً مع المجتمعات السريعة التأثر في المناطق الهامشية من الصومال لمساعدتها على التوصل إلى مصادر معيشة زراعية-رعوية مستدامة وقادرة على التكيف."
إن الصومال سريعة التأثر بالجفاف على وجه الخصوص لا بسبب اعتمادها بدرجة كبيرة على الأمطار في نظمها المائية وأمنها الغذائي، بل بسبب الهشاشة الراهنة التي تتسم بها مجتمعاتها والحكومة والبيئة. إذ أسفر الجفاف الراهن (2015-18)، إلى جانب تأثيرات الصراعات المستمرة وانعدام الاستقرار، عن إجبار السكان على الهجرة والبحث عن ملجأ لهم في مخيمات للنازحين داخلياً، يفتقرون فيها إلى الفرص الإنتاجية ويعتمد معظمهم على المساعدات.
وترافقت الدعوات لتقديم مساعدات إغاثية دولية في حالات الكوارث مع إحصائيات مرعبة للتأثيرات المدمرة في الأشخاص والنظم الزراعية والمائية والاقتصاد. وحذرت الأمم المتحدة أنه في حال احتباس الأمطار لموسم آخر وإذا لم يُتخذ قرار دولي عاجل، فقد يشهد الصومال تكراراً للمجاعة التي ضربت البلاد عام 2011.
وفي إكبا، حلّ التغير المناخي في صلب المجالات التي ركز عليها المركز لنحو عقدين من الزمن، واشتملت بعض الأهداف الرئيسية للبرنامج على تحديد التأثيرات المحتملة للأحوال المناخية مستقبلاً في الموارد المائية والنظم الزراعية لدعم صناع القرار بما يمكنهم من رسم استراتيجيات للتكيف وخطط وسياسات إدارية واستثمارية؛ فضلاً عن وضع خطط للتكيف والتخفيف من تأثيرات التغير المناخي في المناطق السريعة التأثر من أجل تحسين إمكانية الوصول إلى المياه وضمان الأمن الغذائي؛ ناهيك عن تطوير حزم تقانية ذكية مناخياً تركز على إدارة متطورة للمياه وتطوير محاصيل متحملة للملوحة والجفاف وتستخدم كغذاء وعلف ووقود وألياف ويمكن اعتمادها كإحدى جوانب خطط التكيف.
كانت الشراكة موضوع العام للاجتماع السنوي الثالث والأربعين للبنك الإسلامي للتنمية. إذ عمل هذا الاجتماع الذي انعقد في تونس خلال الفترة 1-5 أبريل/نيسان 2018 كمنصة عظيمة لتبادل الأفكار وإطلاق الشراكات للوصول إلى عالم أكثر استدامة. واستقطب ما يربو على 2,000 مشارك كان من بينهم 200 متحدث غطوا 100 موضوع خلال 50 جلسة.