أطلق المركز الدولي للزراعة الملحية مؤخراً مشروعاً جديداً ضمن إطار برنامجه العالمي للكينوا لتعميم المحاصيل بين المجتمعات الزراعية الريفية الفقيرة في المغرب.
إن الموارد المائية آخذة في التناقص في المغرب حيث يتفاقم الوضع سوءاً بسبب تأثيرات التغير المناخي إلى جانب عدم انتظام الهطولات المطرية وتوالي سنوات الجفاف. مما يعرض الزراعة، وهي المصدر الأساسي للمعيشة لدى لمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، إلى خطر متزايد. أضف إلى ذلك، فإن تملح التربة والموارد المائية يهدد استدامة الزراعة المروية في المغرب. حيث يتأثر حوالي 30 في المائة من التربة في المناطق المروية بفعل الملوحة. وكنتيجة لذلك، يقدر أن يصل متوسط خسائر الغلة إلى 50 في المائة كما تشير بعض التقديرات إلى خسائر اقتصادية تتجاوز 0.2 مليار دولار أمريكي في السنة.
وفي هذا الصدد، يساعد إدخال محاصيل مثل الكينوا ذات القيمة الغذائية المرتفعة والقدرة العالية على تحمل عوامل الاجهاد غير الحيوية على التصدي في وقت واحد لاثنين من التحديات المترابطة المتمثلين في: عوامل الاجهاد غير الحيوية التي تحد من إنتاج المحاصيل وعامل الفقر الذي يؤثر على مجتمع الفقراء الريفي. وتمثل هذه الفكرة، نواة المشروع الذي سيستهدف 1075 عائلة ريفية أو ما يقارب 5000 شخص في الإجمال وذلك في المناطق الريفية في الدولة.
بدأ إكبا وغيره من شركاء المشروع تنفيذ المشروع خلال اجتماع حضره كبار المسؤولين بمن فيهم وزير الدولة الأثيوبي للزارعة في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بتاريخ 12 يناير 2018.
ويستهدف المشروع الذي يموله المركز الدولي لبحوث التنمية إقليم الرحامنة الذي يستوطنه عدد كبير من المزارعين الذين يعيشون تحت خط الفقر، كما تتوافر فيه سلسلة قيمة للكينوا تقيدها عوامل مختلفة.
ويتماشى المشروع تحت عنوان (توسيع سلسلة قيمة الكينوا لتحسين الأمن الغذائي والتغذية السليمة في المجتمعات الريفية الفقيرة في المغرب) مع الدعامة الثانية من مخطط المغرب الأخضر التي تركز على تحديث الزراعة لمحاربة الفقر في المجتمعات الريفية.
وسيمتد المشروع من العام 2018 إلى العام 2020 وسينفذ بالتعاون مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية إلى جانب العديد من الشركاء الآخرين. ويندرج ضمن شركاء المشروع أيضاً وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات- درا؛ والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية - أونسا؛ والمكتب الإقليمي للتنمية الزراعية.
ومن خلال المشروع، سيقوم إكبا بتحليل سلسلة القيمة الحالية للكينوا ووضع نموذج أعمال لصالح الفقراء وتوسيعه. وعلاوة على ذلك، سيتم إدخال ونشر أصناف الكينوا التي تمتاز بقدرتها العالية على تحمل عوامل الإجهاد غير الحيوية من قبيل الملوحة المرتفعة والجفاف ودرجات الحرارة المتطرفة، وتمتلك إنتاجية مرتفعة كما تؤمن ثبات في الغلة. كما سيعزز إكبا إنتاج المحاصيل والممارسات الإدارية المناسبة ضمن مجتمع مزارعي الكينوا أصحاب الحيازات الصغيرة.
وتعتبر الكينوا التي تعود نشأتها إلى 7000 عاماً في المناطق الجبلية في أمريكا الجنوبية محصولاً مدراً للدخل يمتلك إمكانيات هائلة لتحسين معيشة فقراء المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في المناطق التي تعاني من الملوحة المرتفعة وندرة المياه والجفاف. أضف إلى ذلك، فالكينوا أحد المحاصيل الأكثر غنى بالقيمة الغذائية و المعروفة حالياً، كما تعتبر محصولاً استثنائياً لاحتوائها على الأحماض الأمينية الثمانية الأساسية اللازمة لصحة الإنسان. كما أنها خالية من الغلوتين وتحتوي ضعف كمية البروتين الموجودة في كل من الذرة والشعير والقمح.
ومنذ العام 2007 يدير إكبا برنامجاً عالمياً لتقييم الأصول الوراثية للكينوا واختيار السلالات التي تلائم محتلف المناطق الجيوغرافية والظروف البيئية. وفي البنك الوراثي للمركز مايقارب ۱۰۰۰ سلالة من الكينوا، كما يمتلك أربع سلالات جاهزة للاعتماد في الشرق الأوسط وسمال أفريقيا وجنوب آسيا وآسيا الوسطى.