تلقى المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) منحة من برنامج المنح المخصصة للابتكار المؤثر "لإكسبو لايف ۲۰۲۰" دبي لتمويل تنفيذ مشروع بحثي مبتكر حول المزارع الداخلية والساحلية النموذجية داخل دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويأتي المركز بين ثلاث منظمات فقط داخل الإمارات العربية المتحدة و۲۹ جهة مبتكرة حول مستوى العالم تمكنت من الفوز بهذه المنحة، حيث ستعمل المنحة المذكورة التي يبلغ إجمالي قيمتها ۱۰۰,۰۰۰ دولار أمريكي على دعم تطوير مزارع داخلية وساحلية نموذجية داخل الإمارات العربية المتحدة.
وبرنامج "إكسبو لايف" هو برنامج مختص بالابتكارات والشراكات أطلقه "إكسبو ۲۰۲۰" دبي بهدف دعم ودفع عجلة الحلول الإبداعية وتشجيعها سعياً لتحسين مستوى المعيشة على التوازي مع الحفاظ على كوكبنا. فمن خلال برنامج المنح المخصصة للابتكار المؤثر، يقدم برنامج "إكسبو لايف" منحاً ويوفر التوجيه اللازم، كما يشجع على دعم نمو المشاريع الاجتماعية، فضلاً عن دعم مشاريع المبتدئين والعامة حول العالم.
تقول الدكتورة ديونيسيا أنجيليكي ليرا، باحثة زراعية مختصة بالنباتات الملحية لدى إكبا، وباحثة رائدة في المشروع المذكور: "شهدت جودة الأراضي والمياه تراجعاً خلال العقد المنصرم، ما تسبب في خفض ملحوظ في إنتاج الخضروات داخل الإمارات. ونظراً لعدم امكانية استخدام المياه الجوفية المالحة لري محاصيل تقليدية، يلجأ المزارعون في حالات كثيرة إلى تركيب وحدات تحلية على نطاق صغير لإنتاج مياه جيدة النوعية مخصصة للري. إلا أنه غالباً ما يتم التخلص من المياه شديدة الملوحة المرتجعة - والذي يشكل منتجاً ثانوياً ناتجاً عن عملية التحلية - في التربة، ما يؤدي إلى زيادة كثافة الأملاح في خزانات المياه الجوفية. أما نـُهج المزارع النموذجية فتركز على استثمار المحلول الملحي الراجع في زراعة الأسماك وإنتاج نباتات ملحية (النباتات المحبة للملح) في مزارع داخلية، وكذلك استثمار مياه البحر ومخلفات تربية الأحياء المائية لزراعة نباتات ملحية في مناطق صحراوية ساحلية، لتحويل الأراضي المتدهورة والجرداء إلى أراض إنتاجية بما يعود بمنافع اقتصادية على المجتمعات المحلية."
وأضافت الدكتورة ليرا: "لا شك أن المنحة التي قدمها "إكسبو لايف" إلى إكبا ستساعد على تطوير وتحسين المزارع الداخلية والساحلية ذات المكونات المتعددة من خلال استخدام موارد مياه مالحة وهامشية لزراعة محاصيل غير تقليدية بهدف تحسين الأمن الغذائي والتغذية السليمة وضمان الدخل لدى مجتمعات ريفية تكابد في سعيها للإنتاج ضمن بيئات صحراوية."
وتستخدم كمية تقدر بأكثر من ۸.۷ مليون متر مكعب في العالم من المياه المحلاة للري، في حين تنتج يومياً كمية من المياه شديدة الملوحة المرتجعة تزيد عن ۳.۵ مليون متر مكعب. ما يجعل ضمان التخلص الآمن من المياه شديدة الملوحة المرتجعة واستخدامها على نحوٍ مستدام مسألة بالغة الأهمية.
يعمل إكبا منذ سنوات عديدة وبالتعاون مع وزارة التغير المناخي والبيئة في الإمارات العربية المتحدة على تشغيل مزارع داخلية وساحلية نموذجية مبتكرة لدراسة استخدام المياه شديدة الملوحة المرتجعة ومياه البحر في الزراعة.
كما يدير إكبا منذ عام ۲۰۱۳ مزرعة نموذجية مروية بمياه وحدة التناضح العكسي لتطوير نظام إنتاج مجدٍ اقتصادياً يحوّل المياه شديدة الملوحة المرتجعة إلى مصدر ربح للمزارعين.
وتستخدم مزارع المناطق الداخلية المياه المحلاة لزراعة الخضروات، كما تستخدم المياه شديدة الملوحة المرتجعة لتربية أسماك البلطي والشبوط، بينما تستخدم مخلفات الأسماك الناتجة لري نباتات ملحلية.
إلى جانب ذلك، يشغل إكبا نظاماً يعتمد على مياه البحر في مركز أبحاث البيئة البحرية التابع لوزارة التغير المناخي والبيئة في منطقة أم القيوين الساحلية في الإمارات العربية المتحدة، حيث تستخدم الفضلات الناتجة عن تربية الأحياء المائية لزراعة الساليكورنيا، وهو محصول ملحي متعدد الاستخدامات (فهو يستخدم كخضار وعلف ووقود حيوي).
وينفرد هذا النهج عن سواه من أنظمة الإنتاج المتكامل من حيث أن الأسماك تربى في مياه مالحة ولا تستخدم فيه مياه جوفية أو مياه عذبة. وتقوم المزارع النموذجية على تدوير المياه والمغذيات وتوفر تنوعاً هائلاً من مصادر الأغذية الغنية بالمغذيات لصالح المجتمعات الزراعية في المناطق الحارة والجافة.
ستساعد هذه المنحة في مجالات كثيرة، بما فيها تحسين البنية التحتية من الناحية الفنية داخل المزرعة النموذجية لمحطة أبحاث إكبا، فضلاً عن أنها ستساعد على إجراء تحليلات مالية للمزارع متعددة المكونات، وإعداد وصفات مؤلفة من نباتات ملحية، ناهيك عن تقييم السوق المحتملة للأسماك والساليكورنيا والأعلاف الملحية.
هذا وتستضيف الإمارات العربية المتحدة "إكسبو ۲۰۲۰" في دبي خلال الفترة الممتدة بين أكتوبر/تشرين الأول ۲۰۲۰ وأبريل/نيسان ۲۰۲۱، حيث ستكون فرصة منقطعة النظير لتعرض فيها منظمات من قبيل إكبا حلولها المبتكرة من خلال معرض عالمي كهذا، الذي من المنتظر أن يستقطب ما يزيد على ۱۸۰ بلداً وملايين الزوار مع جميع أصقاع العالم.