تمثل منطقة الفرات ودجلة إحدى مناطق العالم المعرضة بدرجة كبيرة للتغير المناخي. وثمة حالة من الترابط والاعتماد المشترك على المياه من نظام الفرات-دجلة بين البلدان المتشاطئة لصون سلع النظام البيئي وخدماته، وكذلك للحفاظ على الإنتاج الزراعي والطاقة، فضلاً عن الامداد بالمياه المخصصة للاستخدام البلدي والصناعي، ناهيك عن الحفاظ على مصادر المعيشة والموارد الثقافية. بيد أن هذا النظام يعاني من الملوحة وتدهور الأراضي، فضلاً عن تدهور حالة الأهوار والنظم البيئية.
وهذه المشكلات شائعة لكن بدرجات متفاوتة بين البلدان التي تتقاسم حوض نهري الفرات ودجلة وهي: العراق وتركيا وإيران وسورية والسعودية والأردن. ونظراً لأن هذا النظام يمثل نظاماً عابراً للحدود، فإنه من الأهمية بمكان ضمان التعاون الفعال على المستوى الإقليمي لمواجهة التحديات الراهنة منها والمستقبلية.
وهنا تأتي مهمة البرنامج التعاوني لحوض نهري الفرات ودجلة (CPET) الذي يقوده المركز الدولي للزراعة الملحية ( إكبا) إلى جانب عديد من الشركاء، حيث يهدف هذا البرنامج، من جملة أمور أخرى، إلى تحسين الحوار ورفع مستوى التعاون بين ثلاثة من البلدان المتشاطئة بنهري الفرات ودجلة عن طريق زيادة الوصول إلى المعلومات ونقل المعرفة المتعلقة بإدارة المياه في المنطقة. وتتسم هذه البلدان المتشاطئة بمستويات متفاوتة من التنمية والقدرات، كما تختلف فيها إدارة المياه على النطاق الوطني والعابر للحدود.
والبرنامج التعاوني لحوض الفرات ودجلة مخصص لتوفير قاعدة أدلة راسخة لتقييم التأثيرات العابرة للحدود وتسهيل القدرة على تحديد طيف من خيارات إدارة المياه، فضلاً عن العمل على إطلاق برنامج إقليمي للاستثمار. أما مجالات المواضيع التي تحظى بالأولوية فتشتمل على الهيدرولوجيا والتغير المناخي، ونوعية المياه، وإنتاجية المياه المخصصة للزراعة، والأهوار، وكذلك الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.
ووفق هذا البرنامج، ينفذ إكبا وشركاؤه أنشطة مختلفة لبناء القدرات في المنطقة، والتي تشتمل على ورشات عمل تدريبية فنية تقام في البلدان المختلفة. وقد نظمت إحدى هذه الفعاليات حالياً بالتعاون ما بين إكبا والمعهد السويدي للأرصاد الجوية والهيدرولوجيا (SMHI) لعديد من المنظمات الشريكة.
وخلال الفترة من ۵ يونيو/حزيران إلى ۸ يونيو/حزيران ۲۰۱۷، حضر قرابة ۱۰ مشاركين من تركيا والعراق ورشة عمل تدريبية حول نموذج التبؤءات الهيدرولوجية لصالح البيئة في إكبا بدبي، الإمارات العربية المتحدة. وهدفت ورشة العمل إلى بناء القدرات لدى الفرق الفنية العاملة على النمذجة الهيدرولوجية ونمذجة نوعية المياه في نهري الفرات ودجلة، حيث تعرَّف المشاركون، إلى جانب أمور أخرى، على كيفية إعداد هذا النموذج المذكور وإدارته ومعايرته وضبطه.
وكانت ورشة العمل هذه هي الثالثة من نوعها ضمن سلسلة من الفعاليات التدريبية المتعلقة بنموذج التبؤءات الهيدرولوجية لصالح البيئة المخصص للهيدرولوجيا ومكونات نوعية المياه، والتي حضرها ما يربو على ۵۰ مشاركاً.
ويذكر أن البرنامج التعاوني لحوض نهري الفرات ودجلة هو برنامج خمسي ينفذه إكبا منذ عام ۲۰۱۳ بالتعاون مع معهد ستوكهولم الدولي للمياه (SIWI)، وممثلين عن البلدان الشركاء لنهري الفرات ودجلة وأربع مؤسسات منفذة شريكة من قبيل الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB) والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ICARDA) ومعهد ستوكهولم للبيئة (SEI) والمعهد السويدي للأصدار الجوية والهيدرولوجيا.