دعا كبار صناع السياسات والخبراء والعلماء على المستوى الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإشراك عدد أكبر من الشباب في الإنتاج الزراعي سعياً لمعالجة مسألة البطالة وانعدام الأمن الغذائي.
فقد اجتمع ما يربو على 100 مندوب من شتى البلدان لحضور ندوة مختصة ورفيعة المستوى على هامش الاجتماع السنوي الثاني والأربعين للبنك الإسلامي للتنمية في جدة بالمملكة العربية السعودية لمناقشة النـُهج التي تجعل من الإنتاج الزراعي أكثر استقطاباً لجيل الشباب.
فبتنظيم من البنك الإسلامي للتنمية والمركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا)، انعقدت ندوة بعنوان "انخراط الشباب في الإنتاج الزراعي: تطوير التقانات المستقطبة للشباب لجعل الزراعة خيار عمل أكثر جذباً"، حيث نظرت في التحديات والمشكلات التي تواجه الشباب والخطوات الواجب اتخاذها للتغلب عليها.
تحتل البطالة النسبة الأعلى بين الشباب، لكن خلافاً للأجيال السابقة، لدى الجيل الراهن امكانية الوصول إلى التقانات التي تفتح لهم الباب نحو عالم من البدائل الممكنة. ولعل العمل الشاق المرتبط بالإنتاج الزراعي الأولي والدخل المنخفض المتولد عنه لا يشكل عامل جذب لكثير من الشباب حتى في المناطق الفقيرة. واليوم يتراوح متوسط عمر المزارعين بين 40 و50 سنة في كثير من المناطق، وهو معدل آخذ في الزيادة على نحوٍ مطرد، في حين يعتمد الأمن الغذائي مستقبلاً بشكل كبير على النجاح في إشراك الشباب في الإنتاج الزراعي.
واتفق المشاركون على أن التركيز يجب أن يتم على التقانات التي تتسم بكفاءة استخدام الموارد والتي تعمل لصالح الشباب وتجعل من الزراعة مصدراً مجدياً للدخل. ويمكن لهذه التقانات أن تشتمل على المضخات التي تعمل بالطاقة الشمسية ونظم الري المحسنة التي تستخدم المستشعرات التي تتحكم بتدفق المياه اعتماداً على احتياجات النبات، أو تلك التي تعدل آلياً من نسب استخدام الأسمدة ومبيدات الآفات اعتماداً على ظروف النمو. فعلى سبيل المثال، يمكن لتقانات البيوت المحمية والبيوت المحمية الشبكية، إلى جانب تقانات أخرى تتعلق بالزراعة المحمية، أن تأتي بإنتاج زراعي مرتفع القيمة حتى في أشد المناطق هامشية، وتوفر دخلاً أعلى بالمقارنة مع الإنتاج الأولي.
وجاء عن السيد أمادو ثيرنو ديالو، مدير قسم التنمية الزراعية والريفية لدى البنك الإسلامي للتنمية: "إن نجحنا في إقحام الشباب في القطاع الزراعي، فسنعالج مسألة الأمن الغذائي وتفشي البطالة بين الشباب في البلدان الأعضاء."
من جهته، قال الأستاذ الدكتور عبد الرحمن سلطان الشرهان، رئيس مجلس إدارة إكبا "لقد حان الوقت لإيجاد سبل لإشراك عدد أكبر من الشباب في الإنتاج الزراعي، والذي لا يمكن أن يتم دونما دعم من القادة. نحن بحاجة لنعمل معاً على إيجاد حلول لإشراك مزيد من الشباب في القطاع الزراعي وجذبهم إليه، ومن بين الحلول تحفيز الزراعة كوسيلة مستدامة لكسب الدخل وتوفير الدعم المالي للشباب إلى جانب نشر التوعية بين أصحاب الأعمال الزراعية وتجهيزهم بالتقانات الزراعية المثلى."
أما الدكتورة أسمهان الوافي، مدير عام إكبا، فقالت: "يعتمد مستقبل الشعوب قاطبة على عنصر الشباب لديها. ففي كثير من بقاع العالم، لاسيما في أفريقيا، ثمة رابطة متينة امتدت لقرون بين الزراعة والشباب. وإذا ما تطلعنا قـُدماً، نرى أنه من واجبنا تمتين هذه الروابط لبناء غدٍ أكثر أمناً وازدهاراً. فالزراعة قادرة على امتصاص حماس الشباب وتوفير الفرص للنمو والازدهار، لكنها يجب أن تمثل مستقبلاً جذاباً لشباب اليوم المفعم بالطموح والقدرات. لعل المنحى الراهن بابتعاد الشباب عن القطاع الزراعي ينذر بالخطر. إذ لا يهدد هذا المنحى الأمن الزراعي مستقبلاً فحسب، ولكن يمتد إلى تهديد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للأجيال القادمة. كلي ثقة بأن المناقشات رفيعة المستوى والندوات كهذه ستحدد السبل الناجحة لإشراك عدد أكبر من الشباب في الزراعة."
السيد جيلبرت هونغبو، رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، الوكالة المختصة لدى الأمم المتحدة، قال: "إن البنك الإسلامي للتنمية هو شريك مهم للصندوق الدولي للتنمية الزراعية منذ انطلاقته الأولى، كما يرتبط الصندوق وإكبا بشراكة مديدة لمساعدة أصحاب الحيازات الصغيرة على تحسين إنتاجيتهم ومرونتهم. وجميعنا نقتسم معاً التزاماً عميقاً وراسخاً باستئصال شأفة الفقر والجوع. وإن أهمية إيجاد أعمال جذابة للشباب في الزراعة ليست بالمسألة المبالغ بها. إذ نحتاج إلى الشباب للمضي باتجاه إنتاج الأغذية، فالجيل الراهن من المزارعين يتقدم بالسن مع الزمن، حيث سنكون بأمس الحاجة إلى إطعام عدد أكبر من الناس أكثر من أي وقت مضى. إضافة إلى ذلك، نحن بحاجة أيضاً إلى الشباب للتوجه إلى الزراعة، لما لدى المزارع الناجحة والأعمال الزراعية من قدرة على تحفيز الاقتصادات الريفية.
وتركز الندوة على دور المزارعين الشباب في تعزيز الإنتاجية الزراعية لتحقيق الأمن الغذائي في البلدان الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية، واستكشاف تقانات الإنتاج الزراعي التي تؤثر بدرجة كبيرة في تحسين مصادر المعيشة لدى المزارعين، لاسيما في البيئات الهامشية، ورفع مستوى التوعية لديهم حيال جهود البنك وإكبا الموجهة لدعم المزارعين باستخدام تقانات محسنة وبناء القدرات لديهم.
وقد حضر الندوة صناع سياسات من بلدان أعضاء في البنك الاسلامي للتنمية، ومهنيين من مؤسسات بحثية ومعاهد تعليمية ومنظمات بحثية إقليمية ودولية، وكذلك منظمات غير حكومية فضلاً عن منظمات أخرى تعمل لصالح الشباب في القطاع الزراعي.
ويعقد مجلس أمناء مجموعة البنك الإسلامي للتنمية اجتماعات سنوية لبحث القضايا المتعلقة بالتنمية والشؤون المؤسساتية. ويوفر هذا الاجتماع منصة مثالية لصناع القرار لبحث التحديات واستكشاف الفرص لدى البلدان الأعضاء في مجموعة البنك الإسلامي للتنمية.