يصادف اليوم الموافق الثامن من مارس/آذار 2017، اليوم العالمي للمرأة، الذي تمحور هذا العام حول موضوع "المرأة في الميدان المهني المتغير: المساواة التامة عالمياً بحلول العام 2030". يتناول هذا الموضوع كيفية تعجيل جدول أعمال الأمم المتحدة للعام 2030 وبناء زخم للتنفيذ الفعال لأهداف التنمية المستدامة الجديدة وبخاصة الهدف الخامس: تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات، وكذلك الهدف الرابع: ضمان التعليم الشامل والجيد للجميع، وتشجيع التعلم مدى الحياة.
وفي هذا الإطار تحدث السيد أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة قائلاً: "ألتزم وأدعم بشكل كامل الدور القيادي للمرأة والمساواة بين الجنسين حيث أثق بأنه لا مجال لتحقيق أي هدف من أهدافنا دون مشاركة النساء والفتيات".
وفي المركز الدولي للزراعة الملحية، يذكرنا هذا اليوم بأهمية برنامج قيادة الخبيرات العربيات الشابة (تمكين) والذي أطلقه إكبا في العام المنصرم ويعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وعن جهود المرأة ودورها تحدثت الدكتور اسمهان الوافي، المدير العام للمركز الدولي للزراعة الملحية قائلة: "تستحق النساء في العالم التقدير والدعم من الجميع بدءاً من أسرهن وحتى مجتمعاتهن المحلية والإقليمية والدولية برمتها. وبشكل عام، تجدّ النساء في عملهن من أجل أسرهن وأحبائهن، مما يتطلب توفير الفرص لمساعدتهن على تطوير مهاراتهن وبالتالي تحسين مستوى معيشتهن. وهو ماسعينا إليه عند تطوير مختلف البرامج التي تستهدف النساء".
وقد أُطلق إكبا برنامج (تمكين) الذي يموله البنك الاسلامي للتنمية ومؤسسة بيل وميلندا غيتس بهدف بناء وتنمية مهارات وإمكانيات الجيل الجديد من الخبيرات والقياديات الشابة العربية بما يسهم في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة المتمثلة في المساواة بين الجنسين وتمكين النساء.
وقد أرست مرحلة التصميم أساس البرنامج، فتمكن إكبا مؤخراً من نشر ثلاثة تقارير حول البرنامج، والتي ركزت على: مراجعة برامج تنمية القدرات، الخبيرات العربيات في مجال الزراعة: الخصائص والتحديات والآفاق، وكذلك التعليم والبحث العلمي والتطوير إلى جانب البرامج الأكاديمية في الزراعة في منطقة الشرق الأوسط.
وإلى جانب إبراز التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط في قطاعي التعليم والبحث والتنمية، أظهرت التقارير أيضاً الفرص والتطورات الكبيرة التي حققتها منطقة الشرق الأوسط في مجال تعزيز الدور القيادي للمرأة.
وتتراوح التحديات من السياسية والاجتماعية-الاقتصادية بكل أطيافها إلى تحديات النوعية والجودة التي تؤثر على المناهج الدراسية وأعضاء هيئة التدريس والنظم التعليمية وكذلك البنية التحتية ومهارات الطالب. وقد نتج عن أنظمة التعليم الموروثة المبنية على الحفظ والاستذكار والتركيز على التعليم النظري مقابل التطبيق العملي العشرات من الوافدين إلى سوق العمل الذين تعوزهم الجاهزية لخوض ميدان العمل ولتولي وظائف في مجال البحث العلمي والتطوير الذي يتطلب مهارات إيجاد الحلول المبتكرة والتفكير النقدي البناء.
تتضمن التحديات التي تؤثر على نمو قطاع البحث والتنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ضعف البحوث وثقافة التنمية عموماً، والافتقار إلى الادراك الشامل لتأثير البحث والتطوير على نمو الاقتصادات ورفاه المجتمعات، إلى جانب محدودية التمويل والاستثمار في البحوث ومبادرات التنمية فضلاً عن ضعف المناهج الدراسية وكفاءة أعضاء هيئة التدريس والطلاب التي تؤثر في النهاية ليس فقط على كمية البحوث المنتجة في المنطقة بل وعلى نوعيتها.
وأظهرت النتائج أنه فيما يتعلق بقطاع البحث العلمي والتنمية، لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بداية الطريق بالمقارنة مع النماذج الأكثر نجاحاً في نفس المنطقة على نطاق أوسع - على سبيل المثال تركيا وإيران – وأمامها مساراً أطول من أجل اللحاق بركب أكثر الدول المتقدمة في الغرب وإنجازاتهم في هذا المجال.
وعلى الرغم من هذه التحديات الكبيرة، استقطب التقرير العديد من الفرص التي تقدم للمنطقة محفزاً للنمو المستقبلي في مجال البحث العلمي والتنمية. كما تشهد المنطقة تركيزاً أكبر من قبل الحكومات نحو الاستثمار في التعليم ويظهر ذلك جلياً من خلال تخصيص العديد من البلدان حصة أكبر من الناتج المحلي الإجمالي نحو مبادرات التعليم. وهو ما يشهده أيضاً قطاع البحث والتطوير، وإن كان بدرجة أقل.
أضف إلى ذلك أن العديد من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شهدت نمواً كبيراً في عدد الوثائق العلمية المنشورة المستشهد بها، ناهيك عن الحاجة إلى زيادة نصيب المنطقة من إنتاج المطبوعات العلمية على المستوى العالمي.
وتشتمل بعضٌ من أهم المجالات الجوهرية التي حددتها الخبيرات اللواتي أُجريت معهن لقاءات بخصوص تقرير النتائج على النقاط التالية:
تتمتع الخبيرات العربيات في المنطقة بإمكانيات هائلة وتنوع في المهارات، والمعارف والقيم مما يتيح فرص مثيرة أمام المنطقة، فضلا عن المجتمع العلمي على الصعيد العالمي.
لا شك أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدأت بالتنمية فعلياً ولعل التحدي الأكبر يكمن في تحديد وتفعيل المبادرات واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان ازدهار هذه التنمية المرتقبة التي شرعت تتجسد، وإضفاء صبغة الاستدامة عليها.
وخلال الفترة الممتدة من 23-27 أبريل/نيسان 2017، سيطلق إكبا ويستضيف برنامجاً للتدريب على القيادة النموذجية يمتد لخمسة أيام تشارك فيه 12 امرأة عربية تمثل 10 بلدان مختلفة تمهيداً لإطلاق برامج تدريب مستقبلية للباحثات والخبيرات الشابات. ويسعى البرنامج إلى تدريب قرابة 60 امرأة سنوياً، بحيث يفتح باب الفرصة لكل امرأة للمشاركة في عشر تدريبات قيادية بشكل شخصي أو افتراضي.
لا شك أن المكانة المرموقة لإكبا تمكنه من الإسهام بدور نموذجي رائد في مجال المساعدة على النمو وإيجاد آليات مستدامة لتوجيه هذا النمو في المنطقة للعديد من السنوات القادمة.