تحقيقاً للمساواة بين الجنسين وتعزيزاً لدور المرأة والفتاة في ميدان العلوم، وتمكين النساء من الوصول إلى العلوم ومشاركتهن فيها بشكل كامل وعادل، حدّدت الأمم المتحدة يوم 11 فبراير/شباط من كل عام اليوم الدولي للمرأة والفتاة في ميدان العلوم.
ففي هذا اليوم، دعا أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس إلى رفع مستوى الالتزام بالعمل على إنهاء التحيز القائم على الجنوسة، والاستثمار بشكل أفضل في تعليم كافة النساء والفتيات ضمن مجال العلوم والتقانات والهندسة والرياضيات، وكذلك منحهن فرص العمل والتطور الاحترافي طويل الأجل بما يمكن الجميع من الإفادة من كافة إسهاماتهن الرائدة والمبتكرة مستقبلاً.
وتواجه الخبيرات معوقات واسعة الطيف بدءاً من التوقعات على مستوى الأسرة والمجتمع، مروراً بمحدودية فرص إقامة الشبكات، وانتهاءاً بغياب تقدير أعمالهن وبرامجهن القيادية المستهدفة. ولعل تحديات كهذه من شأنها تقييد حصول النساء على الفرص في شتى الميادين، وعلى رأسها ميدان العلوم والتقانات.
وفي هذا السياق، يعمل المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) على بناء القدرات لدى الخبيرات الناشئات في شتى البلدان. فتمكين المرأة يأتي في صميم الجهود التي يبذلها المركز. وإن فكرة كهذه تعمل كدفة توجيه لشتى البرامج الخاضعة لإدارة إكبا من قبيل برنامج قيادة الخبيرات العربيات الناشئات (تمكين)، الذي يمثل البرنامج الأول من نوعيه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويموّل من البنك الإسلامي للتنمية ومؤسسة بيل ومليندا غيتس، حيث سيوفر فرصاً قيادية عند إطلاقه وإرساء أسس علاقات بين الزملاء والداعمين، كما سيسهم في تحقيق الهدف طويل الأجل المتمثل في زيادة البحوث التي تقودها النساء والتي تعمل على تحسين مستوى الأمن الغذائي.
تقول الدكتورة أسمهان الوافي، مدير عام إكبا وبرنامج تمكين: "علينا أن نعطي أولوية لإعداد النساء، ولاسيما الخبيرات منهن، وذلك من خلال رفدهن بالمعرفة والمهارات والأدوات اللازمة بما يمكنهن من إظهار قدراتهن والإسهام بدرجة أكبر في اقتصاد بلدانهن."
وبقيادة الدكتورة أسمهان الوافي، يسعى المركز إلى بلوغ مستوى أكبر من الشمولية والتنويع في كادره البحثي من خلال رفده بعدد أكبر من الباحثات اللواتي ينحدرن من ثقافات شتى وأمم مختلفة.
ولعل الالتزام طويل الأجل للدكتورة الوافي وإسهاماتها المتواصلة في تحفيز العلوم والابتكار، لاسيما بين النساء العربيات، تكلل بفوزها مؤخراً بجائزة "أفضل النساء العربيات لعام 2016".
وبمناسبة اليوم الدولي للمرأة والفتاة في ميدان العلوم، شاركتنا ثلة من الخبيرات في إكبا رؤى لهن نورد منها:
"ثمة خطى جبارة اتـُخذت لسد الهوة بين الجنسين في ميدان العلوم خلال السنوات الأخيرة. إلا أن الإحصائيات المستغربة تظهر أن الرجال لا يزالون يشغلون المناصب الرفيعة على نحوٍ مجحف. الأمر الذي يستدعي اتخاذ إجراءات استراتيجية لتحسين وصول المرأة إلى كافة المستويات وفي كافة الاختصاصات، مع التركيز بصفة خاصة على البلدان ذات الصورة النمطية القوية تجاه مسألة الجنوسة. ونظراً للأدوار المتعددة التي تسهم بها المرأة في المجتمع، نجد أنها قادرة على تقييم العمل الجماعي بدرجة أكبر في موقع العمل واستثمار مهاراتها في تكوين العلاقات لتشكيل فرق العمل. لا شك أن تمكين المرأة من خلال مبادرات محددة يسهم في تنمية مهاراتها الاحترافية والقيادية لمتابعة عملها ضمن المجال العلمي مدى الحياة."
الدكتورة ديونيسيا أنجيليكي ليرا، خبيرة في النباتات الملحية، اليونان
"تواجه النساء تحديات جمّة إذا ما رغبن في الاضطلاع بأدوار علمية، منها الالتزامات الأسرية، التي تثنيهن عن متابعة تحصيلهن العلمي، فضلاً عن غياب التمثيل الكافي لهن ضمن المجتمع. ونظراً لاعتماد النجاح على العمل الدؤوب على المستوى الشخصي والبيئات التمكينية، تظهر حاجة إلى بذل مزيد من الجهود دعماً لإشراك المرأة في العلوم والتقانات. ولعل برنامج "تمكين" في إكبا يمثل إحدى هذه المبادرات التي تهدف إلى دعم الخبيرات الناشئات في هذا الميدان."
الدكتور هندة محمودي، خبيرة في التقانات الحيوية، تونس
"تشكل النساء نصف سكان العالم والقوى العاملة، في حين تبقى الأهمية التي يحظين بها وإسهاماتهن في المجتمع العلمي جدّ محدودة. فمن الأسباب الرئيسة التي تدفع إلى ذلك، توجيه النساء، في مقتبل العمر، إلى مهن غير علمية بسبب معوقات ترتبط بالثقافة. لا شك أن تمكين المرأة من التعامل مع التحديات – من قبيل الانحياز المرتبط بالجنوسة والتحرش الجنسي – من شأنه تحسين مشاركتها وإسهامها بدرجة كبيرة في العلوم وكذلك في مصادر المعيشة على نحو أفضل لدى المجتمع."
الدكتورة عائدة زاودو كبيدة، زميلة ما بعد الدكتوراة، إثيوبيا
"تواجه المرأة قضايا جمّة، لاسيما في البلدان النامية. فعلى الرغم من مشاركتها في جلّ الأنشطة الزراعية، نجدها تـُحرَم من التملّك ولا تحظى بالتقدير الكافي مقارنة بالرجل. وثمة فرص كثيرة أمام المرأة في ميدان العلوم والتقانات، بيد أن المشكلة تكمن في افتقار معظم النساء إلى الوعي وغياب التشجيع لاغتنام تلك الفرص. علينا تشجيعهن، بدءاً من المدرسة، وذلك من خلال برامج تنمية القدرات والمهارات على مستوى القرية. كما يتعين علينا تغذية هذه الروح فيهن وجعلهن مدركات لما يملكنه من قدرات وحقوق وفرص، لاسيما في ميدان العلوم والتقانات، هذا الميدان الذي لا يزال تمثيل المرأة فيه بالمستوى الأدنى."
الدكتورة شكفتة جيل، باحثة مشاركة، باكستان
"اقتصر الدور الرئيس الذي لعبته المرأة لعقود طويلة على رعاية الأولاد وتربيتهم وتعليمهم، ذلك الدور الذي يمنحها رؤية متكاملة للعلاقات بين الناس وأنشطتهم وبيئتهم، ما يجعلها حساسة لحياة ومستقبل الأجيال، ويمدها برؤية ديناميكية حول المجتمع. ولعل هذه الطبيعة المتأصلة للمرأة تفسر حساسيتها لتطور العلوم واستدامتها. كما تعطيها دافعاً وقدرة للإسهام بفعالية في تنمية المتجمع من خلال العلوم والابتكار تحقيقاً للغاية المنشودة. وعليه، نرى في المرأة "مستجمعاً" للمواهب والابتكارات التي تمثل جانباً كبيراً من الموارد البشرية في جميع أرجاء المعمورة. لكن، مع الأسف لا يتم تمثيل وإشراك المرأة على النحو المطلوب ضمن نطاق العلوم والبحوث نظراً للبيئة التعليمية أو الاجتماعية التي تبخس قدرات المرأة. وعليه، من الأهمية بمكان تطوير التعليم ورفع التوعية حيال الامكانية التي تتحلى بها المرأة على صعيد العلوم وإشراكها بدرجة أكبر في هذا الميدان تحقيقاً لتنمية مجتمعية أفضل."
الدكتورة أميرة شعيب، زميلة ما بعد الدكتوراة، تونس