تمثل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إحدى المناطق الأشد جفافاً على مستوى العالم والتي تعاني من تأثيرات التغير المناخي. الأمر الذي يستدعي إيجاد حلول بديلة ومبتكرة سعياً للتخفيف من تأثيرات هذه التغيرات والتكيف معها.
وتمثل ندرة المياه مشكلة بيئية خطيرة في كثير من بقاع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث من المحتمل أن تشهد هذه الندرة زيادة خلال المستقبل المنظور نتيجة لزيادة معدلات استخراج المياه ناهيك عن التغير المناخي. وتؤدي ندرة المياه إلى تفاقم التأثيرات التي تحدثها مسببات الإجهاد المتعددة، ما يفضي إلى تراجعٍ في نوعية المياه. كما تحمل ندرة المياه تأثيرات في النظم البيئية للأنهار مهددة بذلك الخدمات التي توفرها تلك الأنهار، الأمر الذي يستوجب تغيير الممارسات الراهنة التي يتبعها المسؤولين عن إدارة تلك النظم وصناع السياسات.
كما تظهر أيضاً تحديات أخرى لا تنجم بالضرورة عن التغير المناخي. فعلى سبيل المثال، لا تزال الأولية تولى إلى إدارة المياه التي تفتقر إلى الكفاءة في المنطقة. إذ نـُشرت حتى تاريخه العديد من الدراسات بخصوص هذا الموضوع. في حين تفتقر البحوث إلى حلول مبتكرة للمشكلات المديدة ذات الصلة بإدارة المياه.
ويسعى كتاب صدر مؤخراً بعنوان "حوض نهر سوس ماسة في المغرب" إلى سد الفجوات وعرض بعض النـُهُج الجديدة للتعامل مع هذه المشكلات المتنامية في المغرب. ويقدم هذا الكتاب، الذي اشترك في تحريره الدكتور رضوان شكر الله، رئيس قسم تنويع المحاصيل والتحسين الوراثي وخبير أول في البستنة لدى المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا)، تحليلاً شاملاً لموارد المياه في حوض نهر سوس ماسة الواقع في الجنوب الغربي من المغرب، فضلاً عن إدراج الكتاب لنـُهجٍ جديدة لإدارة المياه تمكن من تقليص الفجوة بين الامداد بالمياه والطلب عليها.
إلى جانب ذلك، نجد في الكتاب تقييماً لموارد المياه التقليدية، كالمياه السطحية والمياه الجوفية، فضلاً عن مناقشة مفصلة لحصاد مياه الأمطار وجمعها خلف سدود على امتداد وادي سوس ماسة. أضف إلى ذلك، يستكشف المؤلفون مواضيع من قبيل جيولوجيا خزانات المياه الجوفية، وخطر الاستثمار الجائر لها، وكذلك موارد المياه البديلة، من قبيل مياه البحر المحلاة والمياه العادمة المنزلية المعالجة، ناهيك عن نُهج إدارتها كتحليل تطوير البيانات ونموذج SALTMED، الذي يمثل أداةً لإدارة المياه والمحاصيل والأسمدة والحقول. ولا غرب أن يستقطب هذا الكتاب اهتمام علماء البيئة والجيولوجيين والمهندسين ومديري البيئة من خلال تركيزه على ربط البحوث العلمية بالتطبيقات العملية والطلب على المياه من جانب قطاعات الزراعة والصناعة الزراعية وكذلك قطاع السياحة والتحضر، والتي تتنافس جميعاً على موارد المياه المحدودة.
هذا واشترك أيضاً في تحرير الكتاب الدكتور راغب راغب (الباحث الأول وخبير المياه لدى مركز الإيكولوجيا والهيدرولوجيا، والينغفورد، بالمملكة المتحدة؛ والأستاذ الدكتور الحسين بوشاو، كلية العلوم بجامعة ابن زهر، بأغادير، المغرب)؛ والدكتور داميا بارسيلو (أستاذ دكتور في البحوث، وكيل معهد تقييم البيئة وبحوث المياه (IDAEA-CSIC)، ومدير المعهد الكاتالوني لبحوث المياه (ICRA)، برشلونة، اسبانيا. ونشر الكتاب دار سبرينغر للنشر وهو متوافر على الرابط http://www.springer.com/us/book/9783319511290.