هل يمكن أن يمسي الحنظل (Citrullus colocynthis) الموجود في البيئات الهامشية المحصول العلفي غير الغذائي التالي لإنتاج الديزل الحيوي باستخدام الأراضي الهامشية؟ لعل الإجابة عند هذا السؤال تكون بـ "نعم". إذ أعطت الدراسات الرائدة التي أجراها المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) بالتعاون مع معهد بيرلا للتكنولوجيا والعلوم – بيلاني، دبي نتائج جدّ مشجعة.
لا تزال الأبحاث متواصلة على الديزل الحيوي، حيث تناقش السياسات الخاصة به لكثير من السنوات بعد أن اعتبر مصدراً طبيعياً بديلاً للطاقة المتجددة ذات الروابط القوية مع الأسواق واستخدام الأراضي. وقد تحول إنتاج الديزل الحيوي - الذي كان ينتج من الصويا وبذور اللفت والذرة - إلى محاصيل غير غذائية من قبيل الأعشاب والفضلات البلدية الصلبة والجتروفا والطحالب، واليوم نتحدث عن الحنظل الذي ينتج في الأراضي الهامشية باستخدام موارد مياه متدنية النوعية.
يحمل الحنظل ينمو في الظروف القاحلة لدولة الإمارات العربية المتحدة ثماراً غير صالحة للأكل قد تكون سامة وذات بذور بمحتوى من الزيت يصل حتى 50 في المائة. وقد أظهرت دراسات أجريت على مدى عام، اشتملت على 27 صنفاً أخذت من البرية، وجود اختلافات في غلة البذور وكميات الزيت ونوعيته. فعلى سبيل المثال، تراوحت غلة البذور بين 12 و374 غراماً للنبات، في حين تراوح محتوى البذرة من الزيت من 7.8 إلى 43.8 في المائة من وزن البذرة. ولعل الغلة السنوية المتوقعة للزيت في العديد من المدخلات تتجاوز 1 طن/هـ، وقد تصل أقصاها إلى 3.44 طن/هـ - ما يظهر الحنظل بأنه مادة تغذية ذات امكانية عالية لإنتاج الديزل الحيوي باستخدام الأراضي الهامشية. ولدى مقارنة الحنظل مع مواد خام أخرى، وجد أن الحنظل أعطى غلالاً أعلى مقارنة مع الصويا وزيوت بذر اللف، وكذلك أعلى من الجتروفا، المحصول الخام غير الصالح للأكل. وتتسم الزيوت المستخرجة من الحنظل بأنها ذات لزوجة منخفضة، وهذه ميزة كبيرة لاستخدامه المحتمل كديزل حيوي. أما على صعيد المثالب المتعلقة بزيوت نباتية أخرى فكانت ذات صلة بارتفاع لزوجتها، ما يمنع استخدام الوقود الحيوي بنسبة 100 في المائة في المحركات، ويستوجب خلطه مع وقود النفط.
ولعل مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي تتأثر بلدانه بالتغير المناخي وتدني نوعية الأراضي وكذلك ندرة المياه، ناهيك عن غياب استدامة طاقة الوقود الأحفوري، يحتاج إلى وضع حلول لاستخدام الموارد الطبيعية المحدودة بغرض إعطاء نتاج أكثر استدامة. وهنا يأتي دور الحنظل المتكيف طبيعياً، حيث يتسم بميزة تحمل درجات الحرارة المتطرفة والبيئات الهامشية مقارنة بمحاصيل غير صالحة للأكل من قبيل جتروفا. ولعل التباين الكبير الملاحظ في غلة البذور ونوعية الزيت وكميته يعطي فرصة لإجراء تحسين وراثي للحنظل وتطويره ليصبح محصولاً خاماً بديلاً ومهماً من الناحية الاقتصادية وغير صالح للأكل لاستخدامه كديزل حيوي. أضف إلى ذلك، في حال كان الحنظل مادة خام مرغوبة، فإنه سيخفف الضغط بحسب التوقعات على الامداد العالمي بالأغذية، إذ سيغيب عامل المنافسة بشكل مباشر مع امدادات الأغذية مقارنة مع محصولي بذور اللفت والصويا، ناهيك عن امكانية زراعته في الأراضي الهامشية المتوافرة.
وبالإضافة إلى امكانيته كمادة خام للديزل الحيوي، يعرف الحنظل في الطب الشعبي. إذ تقول التقارير أن مستخلصات جذوره ونسيجه اللين تفيد كمضاد بكتيري ومضاد التهاب، فضلاً عن أنها مضادة للسكري ومضادة للأكسدة. كما تحرى المركز الدولي للزراعة الملحية ومعهد بيرلا للتكنولوجيا والعلوم الخصائص المضادة للبتكريا لمستخلصات بذور النبات وأوراقه ولب ثماره وقشوره باستخدام معايرة انتشار الآغار ومعايرة الانتشار القرصي مقابل ست سلالات بكتيرية (متغير وراثي).