يشكل الحصول على الغذاء المناسب أحد الشروط الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتغذوي. وبالرغم من التقدم الملحوظ في مجال تطوير الإنتاج الغذائي، تفرض التحديات الديموغرافية، وانخفاض الإنتاجية الزراعية بسبب تملح التربة، فضلاً عن عوامل الجفاف والتغير المناخي ضغوطات إضافية على الموارد الطبيعية مما يحد من قدرتها على مواكبة الطلب المستقبلي على الغذاء. وفي هذا الإطار، يوفر محصول الكينوا حلولاً لمسألة الأمن الغذائي والتغذوي العالمي حيث يمتاز بتأقلمه الكبير مع عوامل التغير المناخي وخصوصاً في البيئات الهامشية، إلى جانب غناه بالعناصر المغذية. وبناء على خصائصه الممتازة، يزداد اهتمام المزارعين والباحثين بهذا المحصول خارج حدود منطقة الأنديز.
فعلى صعيد المثال، قُيم محصول الكينوا في بلدان شمال أفريقيا (المغرب) للمرة الأولى في الأعوام ٢٠٠٠-٢٠٠١ ضمن أربع مناطق بيئية مختلفة. ومنذ ذلك الحين، تم تقييم الكينوا ضمن بيئات هامشية متعددة بنتائج ايجابية وعلى الأخص فيما يتعلق بتأقلمه مع التربة الفقيرة والمالحة والمعدل المنخفض للأمطار السنوية التي تقل عن ٢٠٠ مم. كما يمتاز الكينوا على محاصيل المنطقة الشائعة من قبيل: القمح والأرز والشعير والذرة من حيث كمية المياه المستخدمة، والقيمة الاقتصادية، إلى جانب تحمل الملوحة، والخصائص الغذائية.
وفي ورقة بحثية تم نشرها حديثاً بعنوان "الكينوا للبيئات الهامشية: نحو تحقيق الأمن الغذائي والتغذوي المستقبلي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" يجمل فريق من الباحثين الدراسات التي أجريت خلال السنوات الخمس عشر المنصرمة حول تقييم أصناف الكينوا للاستخدام المحلي وتبين الخصائص الغذائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد أثبتت نتائج الدراسات كفاءة إنتاجية الكينوا في التربة الفقيرة جداً والتي لا يتوفر لها الري المناسب وذات مستويات الملوحة المرتفعة.
وبناء عليه، مازالت هناك بعض المعوقات التي يتحتم معالجتها قبل التوسع في نشر زراعة الكينوا تتضمن:
· عدم الدراية الكاملة بظرف النمو والخصائص الغذائية
· محدودية قابلية المواد الوراثية للزراعة خارج بيئتها الأصلية
· المعرفة المحدودة بممارسات الإدارة المثلى من قبيل الممارسات المرتبطة بالمغذيات، وإدارة الآفات والأمراض، والحصاد والتجهيز
· الحاجة إلى وضع استراتيجيات تسويقية للمنتجات، وزيادة الوعي ضمن مجتمع المزارعين والمؤسسات الحكومية حول إمكانيات نبات الكينوا كمحصول بديل ذو قدرة على تحمل ظروف الاجهاد في البيئات الهامشية
وقد خلص المؤلفون إلى أن معالجة هذه القضايا يتطلب تبني نهج مختلفة، تتضمن دراسة إمكانيات التأقلم والإنتاجية لعدة أصناف من الكينوا، إلى جانب تطوير أفضل الممارسات المتعلقة بالإنتاج والإدارة في ظل أنظمة زراعية ومناطق زراعية بيئية مختلفة، وتطوير سلاسل القيمة وتعريف المزارعين بأسواق التصريف.