دعا فريق دولي من الخبراء، في مقالة نُشرت حديثاً، إلى بذل المزيد من الجهود لحماية التربة في شتى أنحاء العالم. وقد أشاروا إلى ضرورة تحرك الحكومات الوطنية لوضع أهداف محددة تهدف إلى الحفاظ على/أو زيادة مخزون التربة من الكربون العضوي، حيث يلعب هذا المخزون دوراً حاسماً في تحقيق التوازن في معدل الكربون في العالم.
وتُعزى تغيرات التربة بشكل أساسي إلى عوامل النمو السكاني والاقتصادي، والتغير المناخي. فعلى مر السنين، ومع تنامي الطلب على الغذاء، واجه الخبراء تغيرات كثيرة في التربة أثرت على الإنتاج والمكاسب. وحيث لم تحظ التربة حتى الآن بالاهتمام المطلوب، فإن غالبية موارد التربة في معظم أنحاء العالم تعاني من جودة متوسطة أو سيئة أو جد سيئة. وعلاوة على تدهور الأراضي بسبب الملوحة وتشبع التربة بالصوديوم، تعاني المناطق القاحلة وشبه القاحلة أيضاً من الجفاف والتصحر حيث تم فقدان حوالي ٦٦ من التربة السطحية بسبب تعرية الرياح.
وقد أظهرت الدراسات بأن التربة التي تحظى بإدارة جيدة تنتج العناصر الكيميائية والمياه والطاقة بما يصب في صالح الإنسان. وفي هذا الإطار، تبرز الحاجة إلى بذل الجهود للحد من زيادة تدهور الأراضي وذلك من خلال تطوير حلول للتربة مصممة حسب المناطق، وعلى رأسها نشر وزيادة المعرفة حول الوضع الحالي للتربة. ولا تقتصر فوائد الدعم الحكومي على الحفاظ على توازن الكربون العضوي في التربة فحسب، بل تشمل زيادة أو تقليص الحاجة إلى استخدام النتروجين والفوسفور وفقاً لمتطلبات كل منطقة.
وتحدث الدكتور عبد الله الشنقيطي، خبير أول في إدارة التربة في المركز الدولي للزراعة الملحية، وهو أحد كتاب هذه الورقة البحثية، عن فقر المجتمعات بالتجهيزات المناسبة وعدم جهوزيتها بعد لتوفير الحلول حول تغيرات التربة. كما أن الالتزام على مستوى السياسات باستعادة الأراضي المفقودة، لا يضمن توفير تدابير وقائية فحسب، بل ويقدم الحلول من خلال إعادة استصلاح الأراضي أو تقليص حجم التكاليف الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بها. وضارباً المثل بإيران، أشار الدكتور الشنقيطي إلى قيام الدولة هناك بتنفيذ تسع استراتيجيات حول التنمية المستدامة، في حين تمتلك مصر استراتيجية لكل منطقة زراعية بيئية، ولدى دولة الامارات العربية المتحدة برامج لتطوير النظم البيئية المتدهورة والحفاظ على التنوع البيئي فضلاً عن تخفيف تأثيرات التغير المناخي ومحاربة التصحر.
ويتطلب استصلاح الأراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة خيارات علاجية عدة من قبيل معالجة رشح الملوحة والصرف الصحي، وإدارة المحاصيل، وإضافة المحسنات العضوية وغير العضوية والأسمدة. وقد أظهرت الدراسات أن استخدام المحاصيل المتحملة للملوحة والعلاج بالنبات يشكل أحد التقنيات القليلة التي تساعد في الحد من تدهور الأراضي.
تدرج المقالة بعنوان " تربة العالم في خطر" التحديات الراهنة المرتبطة بأنماط التربة المتغيرة إلى جانب العوامل المؤثرة فيها وطرق علاجها. هذا وقد نشرت اللجنة الفنية الحكومية الدولية المعنية بالتربة (ITPS) هذه المقالة كتكملة للتقرير الأول حول حالة موارد التربة في العالم، والذي سبق إطلاقه في العام ٢٠١٥ واستقطب روئ وآراء لعدد من خبراء التربة (٢٠٠ خبير) من ٦٠ بلداً، حول الوضع الحالي للتربة ودورها في النظام البيئي و التهديدات التي تهدد إسهامها المتواصل في هذه الخدمات.