تم تسليط الضوء على الحاجة إلى زيادة استهلاك الفواكه والخضروات عالميًا من أجل توفير أغذية صحية أكثر في البيان الموجز لقمة الأمم المتحدة للأنظمة الغذائية للعام 2021 والذي أعده علماء يعملون لصالح المنظمات الأعضاء في رابطة المراكز الدولية للبحث والتطوير في مجال الزراعة.
يشير البيان الموجز الذي يرد تحت عنوان "الفواكه والخضروات من أجل توفير أغذية صحية: أولويات البحث والعمل بالنسبة للأنظمة الغذائية", إلى أنه لا يمكن لكثير من الأفراد تحمل تكلفة توفير الفواكه والخضروات، حيث لا يستطيع 3 مليارات شخص حول العالم تحمل تكلفة توفير أغذية صحية متنوعة.
يشير المؤلفون، د. جودي هاريس من المركز العالمي للخضروات؛ د. ستيفا ماكمولين من مركز الحراجة الزراعية العالمي؛ د. بابار باجوا من مركز كابي (المعروف سابقا بالمركز الدولي للزراعة والعلوم الحيوية)؛ إضافة إلى د. بارت دي ستينهويزين بيترز، د. إيلسي دي جاغر، د. إنجي د. بروير، وكلهم ينتمون لجامعة واغينينغن ومركز بحوثها، إلى أنه من الضروري معالجة مشكلة انخفاض استهلاك الفواكه والخضروات من خلال مجموعة من إجراءات "محفزة" و"جاذبة" و"تطوير السياسات".
يشير العلماء، الذي يكتبون بصفتهم شركاء أبحاث في المجموعة العلمية لقمة الأنظمة الغذائية 2021،, إلى أنه لا تزال هناك حاجة إلى فهم أفضل للطرق المختلفة التي يمكن للأنظمة الغذائية عبرها أن تجعل الفواكه والخضروات متوفرة وتيسر الوصول إليها وتجعلها ميسورة التكلفة ومرغوبة لجميع الناس في كل الأماكن والأوقات.
ومع هذا، فإنهم أيضًا يؤكدون على أننا نعرف بالفعل ما يكفي لتسريع العمل الهادف إلى دعم الأغذية الصحية لتنفيذ التوصيات الغذائية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، وتحديدًا، هدف التنمية المستدامة الثاني للأمم المتحدة: "القضاء التام على الجوع" والذي يسلط الضوء على أهمية تحسين التغذية.
يشير العلماء، في البيان الموجز، إلى أن انخفاض الرغبة في تناول الفواكه والخضروات يمثل مشكلة بين الأطفال والمراهقين على وجه الخصوص؛ حيث أظهرت البيانات المستقاة من 73 دولة أن نسبة تتراوح ما بين 10 إلى 30% من الطلاب لا يأكلون أي خضروات مطلقًا في ربع هذه البلدان، وفي 52 دولة، لا يستهلك نسبة 82% من أفقر شريحة ونسبة 73% من أغنى شريحة إلا قدر قليل للغاية من الفواكه والخضروات.
وحتى لو كانت الخضروات متوفرة ويسهل الوصول إليها وميسورة التكلفة، فإن معظم الأفراد لا يستهلكون حتى الآن كميات كافية للتغذية السليمة؛ حيث تمنع المخاوف المتعلقة بسلامة الأغذية، أو التلوث، أو تفضيلات المذاق، أو الملاءمة الثقافية، الكثيرين من زيادة كمية الفواكه والخضروات التي يستهلكونها.
الحاجة إلى "الحافز"
تتطلب العوامل "المحفزة" (الإنتاج والعرض) اهتمامًا خاصًا في إفريقيا؛ حيث لا تمتلك سوى 13% من البلدان إمدادات إجمالية كافية من الخضروات بينما في آسيا يمتلك 61% من البلدان هذه الإمدادات، وفي حين أن معظم الفواكه والخضروات (92 % تقريبًا) لا يتم تبادلها دوليًا، فقد قُدّرت قيمة النشاط العالمي في قطاع الفواكه والخضروات بحوالي 138 مليار دولار أمريكي في العام 2018.
يشير المؤلفون إلى ضرورة زيادة إنتاج الفواكه والخضروات، لا سيما في المناطق التي ينخفض فيها الاستهلاك، وذلك بالإضافة إلى التدابير المصاحبة الرامية لمنع الخسائر لتوفير ما يكفي للأغذية الصحية.
تشمل الإجراءات المحفزة تعزيز الإرشاد الزراعي وتوثيق الكيفية التي يمكن بها للقطاعات غير الرسمية والمؤسسات الرسمية الصغيرة ومتوسطة الحجم، العاملة في تصنيع الفاكهة والخضروات وتوزيعها وبيعها بالتجزئة، تحقيق النتائج المرجوة من الأنظمة الغذائية.
الحاجة إلى "الجذب"
تهدف العوامل "الجاذبة" (الطلب والنشاط) إلى تعزيز اختيار المستهلك وتفضيله للفواكه والخضروات.
إن التركيز على التعليم على كافة المستويات يُعد أحد العناصر الأساسية لتغيير السلوك، كما تُعد محو الأمية التغذوية والأعراف الاجتماعية الخاصة بتناول الأطعمة الصحية والفعالية الذاتية عناصر ضرورية للأفراد كي يتسنى لهم تحمل المسؤولية عن أنظمتهم الغذائية وصحتهم.
يرى العلماء أنه "إلى جانب المناشدات الداعية إلى المحافظة على الصحة العامة، فإنه يلزم فهم أفضل لتفضيلات المستهلكين وسلوكياتهم حول هذه الأطعمة وأنواع الحوافز التي قد تشجع على زيادة الاستهلاك في مختلف السياقات.
الحاجة إلى "تطوير السياسات"
"السياسات" (التشريعات والحوكمة) هي العامل الثالث لتحويل تركيز الأنظمة الغذائية بعيدًا عن السعرات الحرارية وتوجيهه نحو جودة الأغذية.
أسهمت الثورة الخضراء في الجزء الأخير من القرن العشرين في تحويل قدرة الزراعة على إنتاج سعرات حرارية كافية لإطعام العالم، لكن التركيز على محاصيل الحبوب من خلال التمويل والبحث والإرشاد والتطور التقني أدى إلى تقليل إمدادات الفواكه والخضروات الغنية بالعناصر المغذية سواءً من خلال خسائر المصادر الطبيعية مع الترويج للزراعة الأحادية ومن خلال العوائق السياسية والهيكلية التي أدت إلى تزايد المحاصيل غير الأساسية.
إن ميزانية البحوث العامة الدولية مجتمعةً بالنسبة للذرة والقمح والأرز والدرنات النشوية تُعد أعلى بثلاثين مرة من تلك المرصودة للخضروات، على سبيل المثال، التي تميل إلى التركيز على المحاصيل الأساسية بوصفها مصدرًا للسعرات الحرارية زهيدة الثمن بدلًا من الأغذية المتنوعة التي تضم أطعمة طازجة بوصفها مصدرًا للعناصر الغذائية الأساسية، حيث أثر ذلك على السياسات الغذائية الوطنية.
من المقترح اللجوء "للتفكير العكسي" لمعالجة الوضع الحالي: بحيث يتم وضع النتائج الغذائية التي نرغب في تحقيقها من الأنظمة الغذائية مقدمًا خلال تطوير السياسات والتشريعات الغذائية التي يتم سنّها استجابة للظروف، ولإعادة توجيه الأنظمة وتحفيزها، يلزم تعزيز الفهم الأفضل للكيفية التي يحدد بها متخذو القرار في القطاعين العام والخاص خيارات النظام الغذائي وتأثير الجهات الفاعلة الأخرى في النظام الغذائي على هذه القرارات.
الخطوات التالية
إن الاعتراف بأن "القوة تشكل الأنظمة الغذائية" - بدءًا من "تركز القوة الاقتصادية والسياسية في عدد قليل من شركات الأغذية الزراعية العالمية، وصولًا إلى تهميش مجموعات معينة في المجتمعات" - يعد أحد الخطوات المهمة في صياغة سياسات غذائية فعالة ومنصفة.
يذكر الباحثون أنه ستكون هناك مفاضلات بين نتائج الأنظمة الغذائية، فالبدء بالتركيز على الأغذية الصحية يُعد أمرًا مهمًا، ولكن فهم الكيفية التي تؤثر بها قرارات النظام الغذائي على سبل العيش العادلة والبيئات المستدامة يُعد أمرًا لا غنى عنه.
إن توفير ما يكفي من الفواكه والخضروات في الأغذية الصحية لا يمثل تحديًا فنيًا فحسب، بل إنه أيضًا يثير قضايا سياسية واجتماعية وأخلاقية سيتعين على المجتمعات معالجتها بالاعتماد على الأدلة.
يخلص المؤلفون إلى أن: "إجراء هذه المحادثات بعين الإنصاف، لتلبية احتياجات كل من الرابحين والخاسرين من تغيير الأنظمة الغذائية، سيكون جزءًا حيويًا من إجراءات قمّة الأمم المتحدة للأنظمة الغذائية التي ترمي إلى تمكين أنظمة الأغذية الغنية بالفواكه والخضروات لتوفير أغذية صحية للجميع.